الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة باستياء بالغ: توفيق الجبالي يرد على وزير الثقافة ويتحدث عن التكيّة والعصابات وتطييح القدر

نشر في  27 جوان 2018  (11:47)

من المحزن أن يُهان المسرحي في بلاده.. من المحزن والمخجل أن يشعر حامل الذاكرة وناقد المجتمع وفاتح الآفاق بقلة المعروف وبغياب التقدير..

توجهنا الى فضاء التياترو يوم الثلاثاء 26 جوان 2018 لمتابعة حيثيات الندوة الصحفية التي عقدها فضاء التياترو المسرحي اثر اقدام وزارة الثقافة على تخفيض قيمة منح التسيير المسندة لعدد من الفضاءات المسرحية المستقلة، وكم كانت خيبتنا عميقة من نوعية التعامل الذي يلقاه المسرحي من قبل الوزارة ومن القطيعة الهائلة بين الطرفين فضلا عن الخسائر الناجمة الى عدم استماع "ماكينة" الوزارة الى ناسها.

فما من شك أن الوزارة لا تولي القيمة الاعتبارية لأهل المسرح، هؤلاء الذين يفتحون أبوابهم لخلاصنا الجماعي، خلاصنا من القبح والنفاق والتشيئ والسلعنة من خلال أطروحاتهم المغايرة ونصوصهم المتمردة وأعمالهم الفنية المتفردة.

في مستهل اللقاء، ذكر المسرحي توفيق الجبالي انه من المخجل أن نتطرق بعد 50 سنة لنفس المواضيع وأن نجتر الإشكاليات نفسها اذ أننا "لم نتحرك قيد أنملة" وفق عبارته. وتساءل الجبالي عما يدفعه -وغيره من المسرحيين الذين بادروا ببعث فضاءات مسرحية مستقلة- لتحمل صعوبات تسيير مثل هذه المشاريع الثقافية "الهشة" ولتكبد مشاق من آمنوا بمزايا الفعل المسرحي في حين توجد 226 دار ثقافة.

وعاب توفيق الجبالي على المشهد المسرحي عدم توفر هيئات تعديلية وقوانين تبسط "حياة" المسرح والمسرحيين ومقاييس واضحة لإسناد منح التسيير وغيرها واعتماد عقلية "متاعنا ومش متاعنا"، كما انتقد غياب اتفاقيات شراكة بين العام والخاص. وبوضوح، قال الجبالي ان وزراة الثقافة تفتقد الى خطة لتنمية القطاع المسرحي شأنها شأن الحكومة.

وفي خضم هذا النقاش الدّوار، تساءل الجبالي: "ما هي ميزتنا؟ نحن نعمل ليلا نهارا.. للتياترو مقاومات عمل لكن لوزارة الثقافة واجبات إزاء الفضاءات المستقلة.. عندما يقول الوزير "الوزارة ماهيش تكية"، فما تراه يفعل غير ذلك؟ وهل نعاقب من يشتغل أكثر؟"

وأضاف الجبالي انّ قراءة بسيطة للأرقام المتعلقة بنشاطات مختلف الفضاءات الثقافية كفيلة بأن تكشف أنّ هناك فضاءات لا تنتج ولا تستحق الدعم لكنها تحصلت عليه. وأشار الجبالي الى وجود عصابات تتلاعب بالمال العام والى أن نسبة الأمية (تخلف ورجعية وتخونيج) في وزارة الثقافة من أعلى النسب التي يمكن تسجيلها مقارنة بالوزارات الأخرى حتى أضحى العمل بمقتضى مقولة "أعطيني الصرة يا مولاي".   

وفي السياق نفسه، أفصح الجبالي أنه سيرفض الدعم المنقوص الى أن يأتي ما يخالف ذلك وحتى تتوضح الأمور مشيرا الى أن التياترو رفض مشروع "مدن الثقافة" ومتسائلا مرة أخرى بمرارة "ماهو المطلوب؟ هناك سوء نية وهناك شبهات سوء تصرف في المال العام.. أما الآن فقد وصلنا الى "تطييح القدر"، فهل هذا كلام يصدر عن وزير ثقافة -في إشارة الى تصريح الوزير محمد زين العابدين من أن "الوزارة ماهيش تكيّة"".

من جهتها عبرت زينب فرحات المشرفة على فضاء التياترو عن شديد استيائها من الطريقة التي تتعامل بها وزارة الثقافة مع المنتسبين الى القطاع المسرحي مُبينة أنّه تم مدّ الوزارة بعديد المقترحات غير أنّ هذه الأخيرة لم تأخذها بعين الاعتبار وأن عديد الفضاءات المستقلة باتت مهددة بغلق أبوابها في حين أن وزارة الثقافة لها في مخازنها ما يكفي لتجهيز مسارح تونس والجزائر والمغرب حسب قولها لكنه لا يوجد أي جرد لمكتسبات الوزارة.

وأضافت زينب فرحات أن الوزارة ترفض الجرد لأنه سيكشف السرقات والمنهوب من أملاك الدولة مشيرة الى أنه يجب ممارسة حق النفاذ الى المعلومة حتى يعرف القاصي والداني قائمة التجهيزات المتوفرة في الوزارة. وتساءلت زينب فرحات بدورها عن المقاييس المعتمدة من قبل الوزارة لإسناد الدعم وعن رفض هذه الأخيرة مد يد المساندة لعديد الفضاءات المستقلة التي تعاني الصعوبات ونقص التجهيزات في حين أن هذه التجهيزات متروكة في دهاليز الوزارة. هذا ونادت زينب فرحات بتبني خطة ثقافية وطنية جديدة مشيرة الى أنه منذ سنة 1982، تاريخ بعث الوزير البشير بن سلامة لصندوق التنمية الثقافية والذي وفر مداخيل بالمليارات للثقافة، لم تنتهج الحكومات المتعاقبة سياسة واضحة لدعم هذا المجال.

تلا ذلك العرض نقاش مع الحضور تطرق الى المقترحات العملية التي يمكن العمل بها ومنها رفع عريضة احتجاجية والعمل على تقديم نص تشريعي جديد لمجلس النواب والمناداة بإقالة الوزير وغيرها من الأفكار التي تدعو الى تغيير المعمول به الى مزيد من الشفافية والعدل وحسن التصرف في الأموال والموارد العمومية لوزارة الثقافة. ومن بين المتدخلين وليد الهمامي صاحب الفضاء المسرحي المستقل "سيرتا" بالكاف الذي كشف عن الصعوبات التي يعترضها في تعامله مع الوزارة علما أن الفضاء لا يُحظى بأي دعم رغم المجهودات الجبارة التي يقوم بها بالجهة.

فهل ينتبه الوزير ويصغي لمن له من الزاد ما يقارب الـ40 سنة ركحا؟

شيراز بن مراد

 

الصورة من اليمين الى اليسار:

-ابراهيم زروق: تيزيري 13 – سوسة وممثل ل3 فضاءات

-زينب فرحات: النقابة الحرة للفضاءات الركحية المستقلة

-توفيق الجبالي: فضاء التياترو

-وليد الهمامي: فضاء سيرتا الكاف